كافة الحقوق محفوظة © 2021.
الشيخه والعادات العشائريه بين الماضي والحاضر …. بقلم الاستاذ مرشد القراله
إن العشائر الاردنية تعتبر إحدى المكونات الأساسية للمجتمع الأردني وذلك إنطلاقاً من كونها وحدة إجتماعية راسخة ، أركانها الإنتماء للوطن والولاء للعرش الهاشمي وطاقاتها مسخرة لخدمة الأردن بعيداً عن العصبيات الضيقة والمصالح الشخصية .
إلا أن كثرة الإجتهادات والإختلافات والبدع الدخيلة والمغالاة والتشدد أدى إلى حصول بعض الممارسات التي من شأنها التسبب في إشكالات وإضطرابات مجتمعية .
وما لم نؤمن به حتى الأن هو أن الزمان تقدم وتغير ولم تعد بعض الأعراف العشائريه القديمه مقبوله في وقتنا الحاضر والتي أصبحت تشكل إجحافاً مجتمعياً كالعنت في فرض الجلوه العشائريه والعطوة والدية بصوره غير مشروعه وغيرها الكثير من العادات والتقاليد التي لم تعد مقبوله في وقتنا الحاضر .
وعلى الصعيد التاريخي كان للوثيقة العشائرية التي وقعت عام 1987 من قبل شيوخ المملكة والتي وشحت بتوقيع ومباركة جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، الأثر الكبير في الحد من سريان بعض العادات والتقاليد المبتدعه والتي لا تمت لعاداتنا النبيله بصله ، إلا أننا نشهد في الواقع الحالي خروجاً وإبتداع مسميات جديدة وغريبة عن قيمنا وهذا كله تحت مسمى ” العشائرية “.
لا بد من إمتلاك هذه العشائر منظومه متكامله من الأعراف والعادات والتقاليد والسلوكيات التي تحكم الحياه ضمن مجتمعها بما فيها منظومه السلطه داخل كل عشيره ومع العشائر الأخرى إلاّ أنّ العديد من الممارسات العشائرية التي ما زالت قائمة ومعتمدة في الكثير من المحافظات ، لا تتفق مع العداله بصله وبعيده كل البعد عن الإنخراط في النظام العام للدولة .
أما عن لقب الشيييخ فقد أصبح هذا اللقب واسع وفضفاض يدخل تحته من يستحق ومن لا يستحق والواقع شاهد بهذا ، فمن حفظ بعض المتون سمي شيخاً ومن القى موعظة سمي شيخاً ومن بحث في مسألة وأجادها ومن أبرز نفسه سمي شيخاً والغريب أن العامه إغتروا بهذا الحلفظ وأصبحت الفتوى والكلمه والحكم بيد من يعلم ومن لا يعلم !!!!!
حديثاً سمعنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي وعلى نحو متكرر بأن هناك ما يقارب ١٢٢٥ طلب مقدم للديوان الملكي العامر للحصول على لقب شيخ وقرأت أيضاً أن من ناحيه تاريخيه كانت العشائر لها شيوخ تاريخين ( بيت شيخه / وراثه أو بالحضور وإثبات الذات قد تتنقل بين افخاذ العشيرة ، لكن منذ اكثر من عقدين بدأت هذه الفكره ( طلب لقب شيخ ) .
شهدنا في الأيام السابقه كثره التعليقات المسيئه على وسائل التواصل الإجتماعي عند الحديث عن هذه المسأله ومعظمها يستنكر حمل هذا اللقب بناء على طلب أو منحه , وكان القائمين على هذه التعليقات والأراء يعتبرون ذلك من قبيل إستجداء المكارم بالذل وأن المشيخه لها أسس وقيم ومبادئ أساسيه وهذه القيم بالتالي لا تمنح ولا تطلب .
ومن جانبي أرى أن هذه الأراء لا تتفق مع تقدم المجتمع في الوقت الحاضر كما لا تتفق مع دستورنا الأردني والذي نص في الماده السابعه والثلاثون منه على أن ” الملك ينشئ ويمنح ويسترد الرتب المدنية والعسكرية والأوسمة وألقاب الشرف الأخرى وله أن يفوض هذه السلطة إلى غيره بقانون خاص. ”
وكما يقول البعض – وبحق – أن الشيخه من الأساس منحة وبحكم الدستور منذ تأسيس إماره شرق الاردن حيث كانت تمنح تحت بند توجيهات وفي الديباجة يكتب صدرت الإرادة المطاعة بتوجية لقب …… إلى ……..
وكما يرى هذا الرأي وبحق أن إرتباط الشيخه بإرتداء الزي التقليدي في نظر الكثير إرتباطاً في غير محله فالعباه لا تصنع شيخاً ، كما أن ليس كل من إرتدى اللباس الرسمي يعتبر أفندي .
وكما يقول النائب السابق الدكتور هايل ودعان الدعجة أن هذه الطلبات لم تقدم بيوم وليلة .. وإنما تم تقديمها على مدى ٢٥ عاما .. وأن تقديمها لا يعني الموافقة عليها .. وإنما يتم دراستها من قبل جهات مختصة لمعرفة مدى إستحقاق أصحابها لهذا اللقب.. علماً بانه قد تم رفض الكثير منها.
ومن وجهه نظري أرى سلامه هذا المنهج وإعمال نص الماده السابعه والثلاثون من الدستور الإردني بحيث تكون صلاحيه منح هذا اللقب لجلاله الملك وذلك تفادياً للنتائج السلبيه التي يخلفها منح هذا اللقب لمن لا يستحقه طالما أنه أصبح مرتبطاً بإرتداء الزي التقليدي ، ولعل من أفضل ما قرأت في لفظ الشيخ إصطلاحاً كلام الامام العيني فقد قال: ” الشيخ هو من يصلح أن يُتّلمذ له، و إن كان لم يبلغ حد الشيخوخة، وهذا باصصطلاح القوم . ”
وكذلك فالشيخ من يصلح أن يتولى الأمر , لا من يرتدي الزي التقليدي المتعارف عليه ( العباه ) أو من يلقي كلمه مؤثره .