لَــيــان الــعـبـّــادي
مبادرة موهبتي جمعية بيت التراث والفنون_الفحيصبإشراف مديره مشروع موهبتي هبه دعاس شتيوي.
أنا الفتاك كما يراني البشر، انا الكورونا (كوفيد ١٩ ) انتمي لعائلة السارس ، اعيش في انبوبةِ اختبار في غرفة معزولة مظلمة في مختبر بيولوجي ، ولا علم لي لماذا طورني البشر ؟ ، أهو حبكة لمؤامرة كبرى ام تطوير علمٍ وعلم ؟
كانت ترخى الستائر على الدوام ولا تسمح للشمس بالدخول عليها، ولم تعطني فرصة للخروج ، فكانت الاحلام تراودني بالخروج الى عالم البشر ، كنت ارى ان العالم الخارجي يتسع لكل شيء فهو قادر على اتساعي والعيش فيه بين البشر ، الى ان جاءت الفرصة للهروب والسير خلف احلامي، تسللست من تلك الانبوبة بخفة وسرعة ، ولا ادري اذا كان تسهيل خروجي بفعل فاعل او بخطأ غير مقصود ،رافض نداهات امي سيقتلوك البشر و توسلها لي بالرجوع .
لم يهمني برد ولا زمهرير ، مشيت تاءهًا في ارجاء مدينة كبيرة ،مضاءة بالانوار و الضوضاء، مفعمة بالحركة والحياة ..
وانتهى بي المطاف الى سوق كبير يحوي شتى انواع اللحوم الحية و الغير حية و تبعث منه روائح الدماء هنا وهناك ،، الى ان لامست قطعة لحم حمراء لاستقر فيها ، ومن هنا بدأت قصة حياتي ،،،، تلقفتني ايدي البشر هنا وهناك و اصبحوا يتشاركوني و ينقلوني بينهم ، انتشرت دون علم البشر بي فدخلت الى أجسادهم و استقريت بها ،،،
اين انا ؟ ماذا افعل ؟ ،،،، اقتحمت اجهزتهم التنفسية فبدأت الالآم تعتصر اجسادهم بشكل متكرر متصاعد ، وبدأت الحرارة توقظ في اعماق اجسامهم ناراً وتشب في حناياهم لهيباً لا ينطفئ و اصابهم الوهن والتعب ..
فكنت احاول الهرب باستثارتهم بالعطس والسعال لأخرج بـالرذاذ و استقر على الأسطح ، لتجذبني أجساما اخرى اليها …
بعدها تعالت اصوات البشر بالصراخ و العَويل و امتلأت المستشفيات بالمرضى هنا وهناك ورائحة الموت تفوح من الجثث المتراكمة التي لم تمتلك أجسادهم القوة والحيلة لمقاومتي لينتهي المطاف بخروج أرواحهم من اجسادهم الضعيفة الى السماء …
وبعدها اصبحت المدينة يشوبها الحزن والظلمة و تفتقر الى الحياة
فأصبحتْ رُكادٍ رمادٍ لنار احترقت؛
فقررت الانسحاب والرجوع الى خارج اسوار المدينة الى حيث اتيت ،، ولكن لا جدوى لاجد نفسي انتقلت الى دول غير دول وبشر غير بشر ،،،
ْوانتشرت في ذلك العالم واكتُشِفَت هويتي و بدأ العالم يتعرف علي و يتوعد لي بالخلاص مني ، فاصبحت حديث العالم الشاغل تناقلتني الاخبار و الصحف و وانتشرت صوري في كل مكان و اغلقت الحدود بين الدول وعقدت المؤتمرات والندوات و تعالت اصوات المساجد و الكنائس بالدعاء للخلاص مني و رصدت المكافأت و الجوائز لمن يجد حلاً ل لغز الخلاص مني …
تذكرت كلام امي سيقتلوك البشر وجلست منتظراً الموت. ..
وصلتُ لــبقعة صغيرة من العالم ، دولة فقيرة ،دولة مديونة ، دولة جميلة ، تسمى الأردن ، دولة يقتنها أُناس يستحقون العيش ،أُناس يفتخرون بأردنيتهم بأصلهم المشرف ، وصلت عبر شخص أردني جاء من ايطاليا ..
وصلتُ وأردتُ العودة !!، لم أكن اريد القدوم إليهم وأرعبهم فهم شعبٌ جميل بصفاته و اخلاقه ، أيمكنني العودة ؟ لا أُريد إيذاءهم ،، لكن هذا الشعب شعبٌ عظيم و قيادته عظيمة ارادته عالية و واثقون بالله و بأنفسهم و بمليكهم ،، (النشامى) ،،فأنا الان بين صراع إما انتشار او انحصار …
لم تكن تلك النهاية التي كنت اطمح واصبو للوصول لها ولم يكن القدر الذي حل بالبشر بسببي او ما تمنيته او سعيت اليه…
عُذراً ايها الأُردنيين.