كافة الحقوق محفوظة © 2021.
المهندس أشرف العواملة… يكتب …”الرياضي بين الوطنية والاحتراف”: “معضلة الهوية والولاء”
كتبها… المهندس أشرف العواملة..كندا
في عالم اليوم، حيث تتداخل مفاهيم العولمة مع جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الرياضة، يجد الرياضيون العرب أنفسهم أمام معضلة الاختيار بين الولاء للوطن ومتطلبات الاحتراف. تعتبر الرياضة لدى الكثيرين أكثر من مجرد نشاط بدني، إنها تعبير عن الهوية والانتماء، وفي السياق العربي، يُنظر إليها كمرآة للولاء الوطني. ولكن، عندما يختار الرياضيون اللعب لصالح دول أخرى، قد يُنظر إليهم شعبيا على أنهم تخلوا عن وطنيتهم، وهذه نظرة قاصرة تغفل عدة جوانب أساسية في عالم الرياضة المعاصر.
أولًا، يجب الإقرار بأن الرياضة اليوم هي مهنة وحرفة قبل كل شيء. الرياضيون كغيرهم من المهنيين، يسعون للحصول على أفضل الفرص الممكنة لتطوير مهاراتهم والحصول على عوائد مادية تتناسب مع مجهودهم وتفانيهم. في كثير من الأحيان، توفر الدول الأخرى فرصا لا تتوفر في البلدان الأم، سواء من حيث التدريب، التسهيلات، أو حتى الاعتراف والتقدير.
ثانيًا، يجب عدم إغفال حقيقة أن الإقامة الطويلة أو الدائمة في دولة أخرى تنشئ علاقات وفرص جديدة. الرياضي الذي يعيش ويتدرب في بلد آخر قد يجد نفسه مرتبط بمجتمعه الجديد، مما يجعل من الطبيعي أن يرغب في تمثيله رياضيًا. هذا لا يعني التخلي عن الجذور الأولى، بل هو امتداد لها في سياق عالمي أكثر اتساعا.
ثالثًا، العاطفة والرومانسية العربية التي تحيط بفكرة الانتصارات الوطنية في المحافل الرياضية، مع أنها محمودة ومفهومة، يجب ألا تحجب النظر عن الواقع العملي والمهني للرياضيين. فالانتصارات الرياضية، مع كل ما تحمله من فخر وطني، هي في النهاية إنجازات فردية تنسب إلى الوطن ككل.
رابعًا، التخوين والنظرة السلبية تجاه الرياضيين الذين يختارون تمثيل دول أخرى وخصوصا عن تألقهم و شهرتهم تعكس فهما ضيقا لمفاهيم الولاء والانتماء في عصر العولمة. يجب أن ندرك أن الولاء للوطن لا يقاس فقط بالمشاركة الرياضية تحت راية واحدة، بل بما يسهم به الفرد في تعزيز اسم وطنه في مختلف المجالات، بما في ذلك الرياضة، سواء كان ذلك من خلال تمثيل البلد أصلًا أو البلد الذي يقيم فيه, حالها حال اي مهنة اخرى, و حتى ان هنالك رؤساء دول ينحدرون من دول اخرى دون اي مشكله.
إن التحدي الذي يواجه الرياضيين العرب لا يكمن فقط في الضغوطات الاجتماعية و الشعبية والاتهامات، بل أيضا في البنية التحتية والدعم اللازمين للنجاح في عالم الرياضة. في كثير من الأحيان، يكون النقل إلى دولة أخرى هو السبيل الوحيد للحصول على هذا الدعم بل للوصل الى النجوميه. بدلا من توجيه اللوم والانتقاد، ينبغي على المجتمعات والحكومات في العالم العربي العمل على تحسين الظروف والفرص للرياضيين ليتمكنوا من تحقيق أقصى استفادة من مواهبهم وإمكانياتهم داخل بلدانهم.
من الضروري أيضا تعزيز ثقافة الاحترام والتقدير لقرارات الرياضيين الشخصية التي يتخذونها بناء على ما يرونه الأفضل لمسيرتهم الرياضية وحياتهم الشخصية. الاعتراف بحق الرياضيين في متابعة مسيرتهم المهنية بالطريقة التي يرونها مناسبة هو خطوة مهمة نحو تحقيق التوازن بين الوطنية والاحتراف.
في ختام المطاف، يجب أن ندرك أن العولمة قد غيرت طبيعة العديد من العلاقات، بما في ذلك العلاقة بين الرياضي ووطنه. إن توسيع نظرتنا لتشمل تقدير الجهود والإنجازات بغض النظر عن الراية التي تحتضنها، قد يكون الطريق لمجتمع أكثر تفهمًا ودعمًا لجميع أفراده. في هذا العصر من مطاردة الفرص، يظل الرياضيون سفراء لثقافاتهم وقيمهم، سواء كانوا يرتدون ألوان بلادهم الأصلية أم لا.